بكل مافي وجهه الصغير من براءة وطهر ، سألني وكأنه يتوقع الإجابة التي يتمنى أن يسمعها ..قال وقد تعلق بملابسي ليستوقفني وأنا في طريقي لعملي:
- هل .. هل كل شئ يكون في بدايته ضعيفا ..ثم يقوى ويشتد عندما يكبر ؟
هززت رأسي بالإيجاب محاولا الهرب من التفاصيل ..لكنه أحكم قبضته اصغيرة على ذراعي وسأل في إلحاح:
- مثلا ..ساعدي هذا ..سيقوى ويصبح أكثر صلابة وقوة ..حتى من ساعدك أنت ؟
هززت رأسي وأنا أنظر إلى ساعة الحائط في صالة بيتي الواسعة ..أكمل هو غير عابئ بتذمري :
- إذا فسأحمل حقيبة كتبي الثقيلة بكل سهولة .. سأضرب هذا الولد الضخم الذي يجلس في آخر مقاعد الفصل ..سأسدد رميات رائعة من الكرة ..سا……
فجأة توقف عن حديثه المتدفق للحظات ودارت نظراته لكنه استدرك بسرعة :
- لكن .. قلبي ..قلبي الصغير هذا .. كيف سيبدو عندما يكبر؟… هل سيتحول إلى قلب عملاق ضخم ..لا يخاف ولا يتأثر ولا يهتز ..قلب صلب و……
أشرت بيدي أوقف سيل معلوماته الخاطئة وقلت:
- صغيري… القلب هو العضو الوحيد الذي لايزيد حجمه كثيرا ..ولكنه يزداد رقة وحنوا وعطفا … يزداد قدرة على العطاء والحب و…….
توقفت ونظرت في اتجاه غرفة جدتي… خرجت منها العجوز مندفعة في اتجاه غرفة الخادمة الشابة ..توجست أمرا وتبعتها ..فتحت باب الخادمة بهدوء وتلصص .. انتفضت المسكنة واقفة في ذعر ..تركت ماكان يرقد في حجرها يسقط.. طفلتها التي تمسكت غريزيا بثدي الأم وتعلقت به ..منظر أعتقد أنه أضاف لعمري سنوات ولشعر رأسي مساحات من اللون الأبيض … مددت يدي بلا وعي أتلقى الصغيرة التي علا صوت بكائها… عاجلت جدتي بنظرة قاسية ..لكنها لم تبال بنظرتي وقالت لي آمرة :
- أذهبي لعملك ودعيني لعملي ..
قالت ذلك ثم امتد كفها بصفعة قاسية لوجه الأم المسكينة وصرخت فيها:
- أوهل ندفع لك أجرك الكبير لكي تضيعين الوقت في إرضاع تلك القميئة ..أرمي هذه المزعجة على الأرض وواصلي عملك ..لقد أخطأنا عندما سمحنا لك باصطحابها..
ألقيت بحقيبتي وشعرت بمنتهى الإحباط والضيق والعجز في نفس الوقت ..ماذا أفعل .هل أوثق كف جدتي ؟ ..هل أسحبها إلى حجرتها ..إنني أحبها وأحترمها..لكن
نظرت إلى الصغيرة البريئة وفجئت بها تبتسم في عذوبة ورقة ..كاد الدمع يطفر من عيني ..لماذا كل هذه القسوة ..أعتقد أن الخادمة تقوم بعملها على خير وجه ..
أسرعت الأم الباكية تحمل عني الطفلة .. بلاوعي ضممت الصغيرة التي اتسعت ابتسامتها أكثر وازداد وجهها إشراقا ..اقتربت جدتي وجذبت الطفلة بعنف ودفعت بها في الفراش البالي على السرير المتهالك … عادت الصغيرة تبكي بحرقة ..جذبتني جدتي بعيدا وأغلقت الباب ودفعت الخادم قائلة:
- هيا أيتها الكسول المهملة … أين وجبة الإفطار .. هل تفطر هذه القميئة قبلنا!!!
أمسكت جدتي بيدي وسرت معها بلا وعي … غامت عيناي بالدموع ولم أقاومها
في حجرة جدتي جلست ..بدأت جدتي تتكلم .. لاحظت أن صدر العجوز يرتفع ويهبط بشدة وسرعة ..تتلاحق أنفاسها بقوة .. لم أسمع شيئا مما قالته بل وضعت يدي على صدرها وكأني آمره أن يتوقف ..لكنه استمر ..ابتسمت جدتي في شحوب وقالت :
- لا عليك يا ابنتي ..لقد كبرت ..وكبر قلبي وشاخ و………
إنها الحقيقة .. كبر قلبها وشاخ .. تحجر وتصلب كما تصلب الشرايين ..إذن فقد تصلبت مشاعرها ..لكن العلميين يؤكدون أن القلب مجرد عضو عضلي ..لا علاقة له بالمشاعر …فهل تشيخ المشاعر وتتصلب ..؟ وهل لتلك الشيخوخة والتصلب علاقة بالعمر ؟.. إن معاملة أمي لنفس الخادم ، أكثر رقة وهدوء وتقدير
تذكرت مدرس التاريخ بالمدرسة الثانوية والذي أكد لنا مايلي :
- عندما ظهر الإسلام في أرض العرب ..كان أكثر معارضيه من الشيوخ وكبار السن !!
هم إذن ممن كبرت قلوبهم وقست وأصبح من الصعب التأثير عليها.. رفعت رأسي بإصرار وقلت :
- عفوا جدتي … تذكري حديث الرسول عليه الصلاة والسلام .."إخوانكم .خولكم "
تذكري كيف كان عليه الصلاة والسلام يعامل أنس رضي الله عنه وهو خادمه ..ليت قلبك يعود صغيرا ياجدتي !
خرجت وأنا أتمتم … الحمد لله ..مازال قلبي صغيرا
قابلني الصغير وضحك قائلا ..
-لقد كبرت عضلاتي وسأتفوق في مباراة اليوم ..هل ستحضرين المباراة؟
قبلته في رأسه وقلت :
- طبعا ..طبعا .. لكن أرجوك … أبق على قلبك صغيرا ياحبيبي
- هل .. هل كل شئ يكون في بدايته ضعيفا ..ثم يقوى ويشتد عندما يكبر ؟
هززت رأسي بالإيجاب محاولا الهرب من التفاصيل ..لكنه أحكم قبضته اصغيرة على ذراعي وسأل في إلحاح:
- مثلا ..ساعدي هذا ..سيقوى ويصبح أكثر صلابة وقوة ..حتى من ساعدك أنت ؟
هززت رأسي وأنا أنظر إلى ساعة الحائط في صالة بيتي الواسعة ..أكمل هو غير عابئ بتذمري :
- إذا فسأحمل حقيبة كتبي الثقيلة بكل سهولة .. سأضرب هذا الولد الضخم الذي يجلس في آخر مقاعد الفصل ..سأسدد رميات رائعة من الكرة ..سا……
فجأة توقف عن حديثه المتدفق للحظات ودارت نظراته لكنه استدرك بسرعة :
- لكن .. قلبي ..قلبي الصغير هذا .. كيف سيبدو عندما يكبر؟… هل سيتحول إلى قلب عملاق ضخم ..لا يخاف ولا يتأثر ولا يهتز ..قلب صلب و……
أشرت بيدي أوقف سيل معلوماته الخاطئة وقلت:
- صغيري… القلب هو العضو الوحيد الذي لايزيد حجمه كثيرا ..ولكنه يزداد رقة وحنوا وعطفا … يزداد قدرة على العطاء والحب و…….
توقفت ونظرت في اتجاه غرفة جدتي… خرجت منها العجوز مندفعة في اتجاه غرفة الخادمة الشابة ..توجست أمرا وتبعتها ..فتحت باب الخادمة بهدوء وتلصص .. انتفضت المسكنة واقفة في ذعر ..تركت ماكان يرقد في حجرها يسقط.. طفلتها التي تمسكت غريزيا بثدي الأم وتعلقت به ..منظر أعتقد أنه أضاف لعمري سنوات ولشعر رأسي مساحات من اللون الأبيض … مددت يدي بلا وعي أتلقى الصغيرة التي علا صوت بكائها… عاجلت جدتي بنظرة قاسية ..لكنها لم تبال بنظرتي وقالت لي آمرة :
- أذهبي لعملك ودعيني لعملي ..
قالت ذلك ثم امتد كفها بصفعة قاسية لوجه الأم المسكينة وصرخت فيها:
- أوهل ندفع لك أجرك الكبير لكي تضيعين الوقت في إرضاع تلك القميئة ..أرمي هذه المزعجة على الأرض وواصلي عملك ..لقد أخطأنا عندما سمحنا لك باصطحابها..
ألقيت بحقيبتي وشعرت بمنتهى الإحباط والضيق والعجز في نفس الوقت ..ماذا أفعل .هل أوثق كف جدتي ؟ ..هل أسحبها إلى حجرتها ..إنني أحبها وأحترمها..لكن
نظرت إلى الصغيرة البريئة وفجئت بها تبتسم في عذوبة ورقة ..كاد الدمع يطفر من عيني ..لماذا كل هذه القسوة ..أعتقد أن الخادمة تقوم بعملها على خير وجه ..
أسرعت الأم الباكية تحمل عني الطفلة .. بلاوعي ضممت الصغيرة التي اتسعت ابتسامتها أكثر وازداد وجهها إشراقا ..اقتربت جدتي وجذبت الطفلة بعنف ودفعت بها في الفراش البالي على السرير المتهالك … عادت الصغيرة تبكي بحرقة ..جذبتني جدتي بعيدا وأغلقت الباب ودفعت الخادم قائلة:
- هيا أيتها الكسول المهملة … أين وجبة الإفطار .. هل تفطر هذه القميئة قبلنا!!!
أمسكت جدتي بيدي وسرت معها بلا وعي … غامت عيناي بالدموع ولم أقاومها
في حجرة جدتي جلست ..بدأت جدتي تتكلم .. لاحظت أن صدر العجوز يرتفع ويهبط بشدة وسرعة ..تتلاحق أنفاسها بقوة .. لم أسمع شيئا مما قالته بل وضعت يدي على صدرها وكأني آمره أن يتوقف ..لكنه استمر ..ابتسمت جدتي في شحوب وقالت :
- لا عليك يا ابنتي ..لقد كبرت ..وكبر قلبي وشاخ و………
إنها الحقيقة .. كبر قلبها وشاخ .. تحجر وتصلب كما تصلب الشرايين ..إذن فقد تصلبت مشاعرها ..لكن العلميين يؤكدون أن القلب مجرد عضو عضلي ..لا علاقة له بالمشاعر …فهل تشيخ المشاعر وتتصلب ..؟ وهل لتلك الشيخوخة والتصلب علاقة بالعمر ؟.. إن معاملة أمي لنفس الخادم ، أكثر رقة وهدوء وتقدير
تذكرت مدرس التاريخ بالمدرسة الثانوية والذي أكد لنا مايلي :
- عندما ظهر الإسلام في أرض العرب ..كان أكثر معارضيه من الشيوخ وكبار السن !!
هم إذن ممن كبرت قلوبهم وقست وأصبح من الصعب التأثير عليها.. رفعت رأسي بإصرار وقلت :
- عفوا جدتي … تذكري حديث الرسول عليه الصلاة والسلام .."إخوانكم .خولكم "
تذكري كيف كان عليه الصلاة والسلام يعامل أنس رضي الله عنه وهو خادمه ..ليت قلبك يعود صغيرا ياجدتي !
خرجت وأنا أتمتم … الحمد لله ..مازال قلبي صغيرا
قابلني الصغير وضحك قائلا ..
-لقد كبرت عضلاتي وسأتفوق في مباراة اليوم ..هل ستحضرين المباراة؟
قبلته في رأسه وقلت :
- طبعا ..طبعا .. لكن أرجوك … أبق على قلبك صغيرا ياحبيبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق