الجمعة، 22 يناير 2010

أوروبا...لماذا تخشى الحجاب؟


 أفادت وسائل الإعلام البلجيكية أن عشرات المتظاهرين احتجوا الثلاثاء، يوم بدء العام الدراسي الجديد في بلجيكا، أمام مدرستين رسميتين في أنفير (شمال) قررتا حظر ارتداء الحجاب.

هكذا تتعامل أوروبا مع الحجاب، فمن فرنسا التي منعت الحجاب وسخرت من النقاب إلى ألمانيا التي سارت بعض ولاياتها على خطى فرنسا في منع الحجاب إلى هولندا التي منعت الحجاب في المدارس والجامعات وغيرها من الدول الأوروبية التي مَثّل لها الحجاب حالة من الصداع المزمن التي تسعى للتخلص منه.

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا كل هذا الهجوم على الحجاب في أوروبا، أمن أجل قطعة قماش تغطي به الفتاة رأسها تسن القوانين وتتحدث الصحف ويتدخل رؤساء الدول والساسة؟ ما السر في كل تلك الضجة الأوروبية حول حجاب الفتاة المسلمة؟

ولنا قبل نقاش تلك القضية ملاحظتان:

لم يلجأ لحظر الحجاب إلا بعد أن أصبح ظاهرة، وأصبح انتشاره يؤشر على انتشار الإسلام.

الحرية في الغرب تتسع للعراة والشواذ

الأولى: أنه لم يلجأ لحظر الحجاب إلا بعد أن أصبح ظاهرة، وأصبح انتشاره يؤشر على انتشار الإسلام، وليس فقط مجرد الانتشار بل يدل على صحوة إسلامية بداية في النمو.

الثانية: أن الحرية في الغرب تتسع للعراة والشواذ ويجد هؤلاء من الهيئات السياسية والحقوقية الأممية والقطرية من يدافع عنهم بجميع المحافل والمنتديات، والضغط بكل وسيلة ممكنة لضمان حرية التعري والشذوذ، فوا عجبًا من مجتمع يرى التعري حرية والشذوذ ديمقراطية ويرى الحجاب والستر جريمة يعاقب عليها صاحبها ويضيق عليها في كل الأمكان.

أما عن أسباب هلع أوروبا من الحجاب:

تعتبر ظاهرة تنامي الحجاب في الغرب تناميّا لظاهرة انتشار الإسلام بل انتشار التدين بين المسلمين

أولاً: تعتبر ظاهرة تنامي الحجاب في الغرب تناميّا لظاهرة انتشار الإسلام بل انتشار التدين بين المسلمين فهو يعطي دلالات كمية وكيفية عن النمو الإسلامي في الغرب، فالإسلام يتحرّك في الواقع الغربي بمظاهر عدة أبرزها الحجاب والمدارس الإسلامية والمساجد والجمعيات الإسلامية، وتشير العديد من الدراسات الدولية إلى مدى القلق الغربي من انتشار الإسلام حتى أن أحد الكتاب ألف كتابًا أصدر فيه صيحات تحذير من أن أوروبا بعد خمسين عامًا ستصبح قارة مسلمة وأن المسلمين سيصبحون أغلبية.

ثانيًا: أصدرت المفوضية الأوروبية تقريراً في عام 2006 تتوقع فيه أن عدد السكان الذين هم في سن العمل في الاتحاد الأوروبي سينخفض حوالي 48 مليون نسمة أي حوالي 16 ٪ ما (بين عام 2010 وعام 2050) ، في حين أن عدد السكان المسنين سيزداد بواقع 58 مليون نسمة أي بنسبة 77 ٪. وبحلول عام 2050 سوف تنخفض نسبة الأوربيين الذين هم في سن العمل حوالي 50 ٪ أي اثنين من العمال بدلاً من أربعة.

حاجة أوروبا للأيدي العاملة في الوقت الذي تنخفض فيه معدلات المواليد فيها دفعها إلى فتح باب الهجرة أمام الدول العربية والإسلامية التي تتمتع بمعدل مواليد مرتفع وكان المعول عندما سمحت أوروبا بهجرة المسلمين إليها على أبناء هؤلاء المهاجرين، فأوروبا كانت تأمل أن يندمج هؤلاء في مجتماعتهم الجديدة، وفي حال فشل الاندماج الكامل في جيل الأباء فإن من المرجح أن جيل الأبناء سيكون أكثرًا اندماجًا وتقبلا للقيم الغربية وسيكون أكثر بعدًا عن الإسلام وتعالميه، لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن فكثير من الفتيات المحجبات في الدول الأوروبية هن فتيات صغيرات وُلدن في الغرب ويجدن اللغة الغربية، وقد أصبح هذا الجيل من المحجبات المسلمات المولودات في الغرب يشاركن في التظاهرات والنقاشات السياسية والثقافية التي تدور في وسائل الإعلام الغربية، مما شكل صدمة للدول الأوروبية التي لم تكن تتخيل أن يتسرب الإسلام إلى بنية مجتمعها.

الغربيين يخشون أن تكون فريضة الحجاب المنتشرة في أوروبا والتي يلتزم بها المحجبات المسلمات منطلقًا باتجاه تكريس الفرائض الإسلامية الأخرى.

وجود المرأة المسلمة ينبأ عن أبناء ملتزمين ومحافظين على قيمهّم الدينية ومبادئهم الإسلامية وهو الأمر الذي لا يقبله الغرب

ثالثًا: أن الغربيين يخشون أن تكون فريضة الحجاب المنتشرة في أوروبا والتي يلتزم بها المحجبات المسلمات منطلقًا باتجاه تكريس الفرائض الإسلامية الأخرى، وهو ما تخشاه أوروبا وبدأت الكنائس تدقّ لأجله نواقيس الخطر في أوروبا.

رابعًا: وجود المرأة المسلمة ينبأ عن أبناء ملتزمين ومحافظين على قيمهّم الدينية ومبادئهم الإسلامية وهو الأمر الذي لا يقبله الغرب، ويعتبره تحديًا لقيمه ومبادئه، كما أنه يؤكد من جهة أخرى أنه الحضارة الغربية وإن نجحت عسكريًا في إخضاع الحكومات والسلطات في البلدان الإسلامية فإن فشلت في هزيمة قيم ومبادئ الشخصية الإسلامية في أي مكان كان.

خامسًا: يعد الحجاب عائق اقتصاديًا فهو من جهة يضرب منظومة القيم الاقتصادية الأوروبية القائمة على المادة والمتعة، ومن جهة أخرى فإن المرأة الأوروبية في حد ذاتها هي سلعة في جسدها وزينتها وملابسها، ومعنى أن ينتشر الحجاب فإن هذا يعد حرمانًا لتلك الشركات التي تقوم على سعلوة المرأة.

وأخيرًا: فإن مظهر المسلمة المحجبة يمثل في حد ذاته أداة تعريف بالإسلام متنقلة حيثما حلت المحجبة، وهناك العديد من القصص إسلام وارتداء أوروبيات للحجاب لمجرد دخولها في نقاش مع إحدى المسلمات المحجبات عن سبب التزامها بهذا اللباس، ويؤكد ذلك أن نسبة الأكبر من عدد المسلمين الأوروبيين هن من النساء.

لذلك فليس من العجب أن ترى الهلع يدب في قلب قادة أوروبا وزعمائها كلما رأوا فتاة مسلمة تلتزم بدينها وتضع حجابها، وربما قطعة قماش واحدة على رأس مسلمة تكون أقسى على الأوروبيين من عشرات المدافع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق